الخطوط العريضة للقسم

  • المبحث الأول: مفهوم النظام الرئاسي و أسسه

    المطلب الأول: تعريف النظام الرئاسي

    هو النظام الذي يتأسس على فردية السلطة التنفيذية و الفصل التام بين السلطات مع التوازن و المساواة فيما بينهما و تعود النشأة التاريخية إلى هذا النظام إلى دستور الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1789.و سمي رئاسيا لأن مؤسس الدستور أراد تقوية مركز رئيس الجمهورية و تدعيم سلطته الفعلية[1].

    المطلب الثاني: أسس النظام الرئاسي

    النظام الرئاسي يقوم على ركائز تتمثل في:

    1-استقلالية و أحادية  السلطة التنفيذية  : حيث أن رئيس الجمهورية منتخب من طرف الشعب يجمع بين رئاسة الدولة و الحكومة و من خلال هذا نلاحظ أن النظام الرئاسي لا يصلح للتطبيق إلا في الدول التي يكون نظامها جمهوري  فهو لا يتماشى مع النظام الملكي،  كما يلاحظ من ناحية ثانية أن الشعب هو الذي ينتخب الرئيس و ليست الهيئة النيابية , و ذلك عن طريق الاقتراع العام سواء المباشر أو غير المباشر  و هو ممثل للأمة في مباشرة رئاسة الدولة و ممارسة السلطة التنفيذية و أخيرا يتولى رئيس الجمهورية رئاسة الدولة و رئاسة الحكومة في نفس الوقت.

    و نتيجة لتولي رئيس الدولة السلطة التنفيذية فانه يقوم باختيار الوزراء لمساعدته في  ممارستها , و له الحق في إعفائهم من مناصبهم و هم لا يشكلون مجلس وزراء كما هو الشأن في النظام البرلماني و يخضع كتاب الدولة لرئيس الجمهورية خضوعا تاما , و ينفذون السياسية العامة التي يقوم بوضعها , كم تتم مناقشة أعمالهم و يسألون عنها من طرفه. 

     

     

    2 -الفصل التام بين السلطات : 

    في النظام الرئاسي تسود فكرة الفصل الجامد بين السلطات، فلقد تأثر وضع الدستور الأمريكي في عام 1787 بأفكار مونتسيكيو عن مبدأ الفصل بين السلطات. و لكنهم لم يأخذوا بالفصل المرن بل أرادوا تحقيق الفصل التام بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية دون أي تداخل بين السلطتين وذلك بهدف تحقيق التوازن والمساواة الكاملة بينهما. و يضمن الدستور الفصل بين السلطات وفق مبدأين هما الاستقلال العضوي فتكون كل سلطة مستقلة عن بعضها في تكوينها و حلها ومبدأ التخصص الوظيفي و ذلك بأن تختص كل منها بوظيفة معينة تتداخل مع عمل سلطة أخرى[2].

    السلطة التنفيذية : الرئيس فهو الذي يتولى تحديد سياسة الدولة داخليا وخارجيا ويشرف على تنفيذها عن طريق الأعوان الذين يختارهم ، وهو يتصرف في كافة هياكل واجهزة الدولة ومرافقها ، ويتمتع بالسلطة التنظيمية وليس له الحق في المبادرة بالتشريع بطرق مباشرة ورسمية. حتى وان كان يمارس ذلك بطريق غير مباشرة.

     السلطة التشريعية : يتكون البرلمان من نواب المنتخبين من طرف الشعب. وقد يتشكل من مجلس واحد أو مجلسين والبرلمان مستقل تماما عن الرئيس.

     السلطة القضائية : تتمثل في الأجهزة الفضائية قمة الجهاز القضائي وهو المحكمة العليا الدستورية وهي مستقلة في ممارسة وظيفتها لأن القضاة معينين من طرف الرئيس ويبقون أحيانا مدى الحياة مما يؤدي بشعورهم بالاستقلالية والحرية ، وكذلك بأنهم يتمتعون بالحصانة.

    3-المرونة الحزبية: يتطلب النظام الرئاسي مرونة حزبية و عدم مشاركة النواب كحزب واحد في التصويت أي أن النائب لا يلزم بالتصويت مع حزبه كونها أحزاب غير إيديولوجية. و ذلك يضمن عدم جمود عمل الحكومة بسبب عدم التحيز لحزب معين[3].

    المبحث الثاني: نموذج النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال الدستور

    المطلب الأول: التطور التاريخي للنظام الرئاسي الأمريكي

    كانت تتألف الولايات المتحدة الأمريكية من 13 مستعمرة بريطانية و قد أقامت ثورة و استقلت و توحدت وفي سنة 1787 تم لإعلان عن دستور الدولة الاتحادية[4].

    و لقد تأثر واضعو الدستور الأمريكي بأفكار الفقيه مونتسيكيو وذلك لأن تركز السلطة بيد واحدة أدى إلى التعسف والاستبداد و تبنى دستور الولايات المتحدة مبدأ الفصل بين السلطات لأجل تعزيز مركز رئيس الجمهورية وإقامة نظام سياسي قوي[5].

    تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية مهد النظام الرئاسي، و أقر الدستور الأمريكي النظام الرئاسي ومازال ساري المفعول و لقد كان لنجاح النظام الأمريكي صدى كبير في دول العالم المتخلف مم عادى بالكثير منها إلى الأخذ بالنظام الرئاسي مثل فرنسا في بعض دساتيرها ومعظم دول أمريكا الجنوبية وبعض دول العالم الثالث[6].

     


     

    المطلب الثاني: تطبيق النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية و الاستثناءات الواردة فيه

    أولا: تطبيق النظام الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية

    تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية النموذج الأبرز في تطبيق النظام الرئاسي،و يظهر مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث في توزيعها و ممارسة مهامها.

    I-السلطة التنفيذية:

    السلطة التنفيذية أحادية في الولايات المتحدة الأمريكية يتولاها رئيس الجمهورية لوحده دون تدخل كتاب الدولة.

    1-انتخاب رئيس الجمهورية:

    يجب أن تتوفر شروط حددها الدستور الأمريكي في المترشح لرئاسة الجمهورية وهي :

    -أن يكون الرئيس أمريكيا أي جنسيته أصلية.

    -أن يبلغ من العمر 35 سنة على الأقل يوم الاقتراع[7] .

    و قد حددت الرئاسة مدة أربعة سنوات و لا يعاد انتخاب الشخص إلا مرة واحدة لمنع الاستبداد بالحكم[8].

    2-صلاحيات رئيس الجمهورية:

    نص الدستور الأمريكي (المادة الثانية، الفقرة الثانية)على جملة من الصلاحيات الواسعة للرئيس نذكر منها:

    -للرئيس مهام السلطة التنفيذية و الوزراء و هو في نفس الوقت  رئيس الحكومة. أما كتاب الدولة فهم خاضعون للرئيس و دورهم استشاري غير ملزم.

    -يضع الرئيس السياسة العامة في جميع المجالات و يعمل على تنفيذها.

    -تعيين القضاة.

    توجيه الرسائل إلى الكونغرس

    -تنفيذ القوانين كما أنه غير مسؤول أمام الكونغرس.

    II-السلطة التشريعية:

    يتولى السلطة التشريعية الكونغرس و يتألف من مجلس النواب و مجلس الشيوخ[9].

    أ-مجلس النواب: يضم 453 نائبا ينتخبون بالاقتراع الفردي، يختارون كل سنتين من قبل الشعب في مختلف الولايات. و يختار مجلس النواب رئيسه و المسؤولين الآخرين، و تكون له وحده سلطة اتهام المسؤولين[10].

    ب-مجلس الشيوخ: يتكون من 100 عضو ينتخبون لمدة 6 سنوات مع تجديد الثلث كل سنتين، و يمثل كل ولاية شيخين.

    صلاحيات الكونغرس:

    يتمتع الكونغرس بصلاحيات، أهمها:

    -ينتخب الكونغرس من الشعب و لا يحق للرئيس حله و لا سحب الثقة منه.

    -اقتراح القوانين و مناقشتها والتصويت عليها.

    -اقتراح تعديل الدستور الاتحادي و يصادق عليه بأغلبية ثلثي أعضاء برلمانات الولايات لينفذ[11].

    -له اختصاص انتخاب الرئيس في حالة عدم حصول أي مترشح على الأغلبية وهو اختصاص مجلس النواب

    -اعتماد الميزانية و التصديق عليها [12]

    III- السلطة القضائية:

    تستقل السلطة القضائية كل الاستقلال عن السلطتين التنفيذية و التشريعية لذلك فإن القضاة يختارون عن طريق الانتخاب.[13] و يتمتع قضاة المحكمة العليا و المحاكم الأدنى درجة بشغل مناصبهم ماداموا حسني السلوك [14].

    و هذا ما يجعلهم يشعرون بالحرية في ممارسة مهامهم.

    مظاهر الفصل التام بين السلطتين التنفيذية و التشريعية :

    يقوم النظام الرئاسي الأمريكي على مبدأ الفصل بين السلطات، مما ينفي كل علاقة أو تداخل بينها، و يتجلى فيما يلي:

    -لا يمكن الجمع بين عضوية البرلمان و منصب كاتب الدولة

    -عدم إمكانية حضور كتاب الدولة جلسات مجلس البرلمان بهذه الصفة

    -يختار رئيس الدولة كتاب الدولة دون تدخل من السلطات الأخرى و يسيطر الرئيس عليهم و لهم سلطات استشارية فقط وهو فقط من يمكنه مساءلتهم. [15]

    -تولي الكونغرس مهامه باستقلالية عن السلطة التنفيذية

    -لا يملك الرئيس في الظروف العادية دعوة البرلمان للانعقاد كما لا يملك حق طرح الأسئلة البرلمانية أو استجواب الكونغرس.

    -لا يملك الرئيس حل الكونغرس

    رئيس الدولة غير مسؤول أمام الكونغرس و لا يمكن لهذا الأخير سحب الثقة من الرئيس[16].

    ثانيا: الاستثناءات الواردة على تطبيق النظام الرئاسي في الو.م.أ

    أ.تداخل السلطتين التنفيذية و التشريعية:

     حرص الدستور على الفصل الجامد بين السلطات إلا أن هناك إمكانية التأثير على سلطة أخرى عبر آليات.

    1-تأثير الرئيس على الكونغرس:  

    - يحق للرئيس دعوة البرلمان للانعقاد في دورة غير عادية أي في حالة الظروف الاستثنائية و قد نصت على ذلك المادة الثانية الفقرة 3 من دستور الولايات المتحدة الأمريكية.

    -يمكنه توجيه رسالة إلى الكونغرس يلفت نظره إلى الاهتمام بتشريع معين

    -حق الفيتو: هو وسيلة هامة تمكن الرئيس من الضغط على الكونغرس، حيث يعترض على أمر صادر من الكونغرس فيحال عليها مجددا ولا ينفذ إلا بعد المصادقة عليه بأغلبية ثلثي كل مجلس. وهذا ما جاء في المادة الأولى الفقرة السابعة من الدستور الأمريكي.

     

     

    2-تأثير الكونغرس على الرئيس:

    قانون الميزانية :

    -يقترح الرئيس الميزانية و الكونغرس هو من يوافق عليها لتصبح نافذة، و يمكن للكونغرس رفض الاعتماد التي يطلبها الرئيس خصوصا عندما يعترض على سياسية الرئيس[17].

    -صلاحية تعيين بعض كبار الموظفين من طرف مجلس الشيوخ

    -يتحمل الرئيس و نائبه مسؤولية جنائية، ويتولى مجلس النواب توجيه التهمة لهما و يحاكمهما مجلس الشيوخ حسب ما ورد في المادة الأولى -الفقرة الثالثة من الدستور الأمريكي: " لمجلس الشيوخ وحده سلطة محاكمة في جميع تهم المسؤولين ..." [18]

    ومثال تأثير الكونغرس الأمريكي على الرئيس كان في تجاوز حق الفيتو للرئيس السابق دونالد ترامب الذي استخدمه ضد مشروع قانون موازنة الدفاع لتكون أول مرة يرفض فيها المشرعون الأمريكيون فيتو للرئيس الجمهوري[19].

    ب-السلطة القضائية:

    للكونغرس صلاحية في إحداث محاكم إستئنافية. كما يجب أخذ موافقة مجلس الشيوخ لإنشاء محكمة اتحادية[20] و له حق الاعتراض على  تعيين قضاة المحكمة الاتحادية العليا.

     

     

     

    خاتمة:

       عرف تطبيق النظام الرئاسي  نجاحا كبيرا في الولايات المتحدة الأمريكية بينما لم ينجح في بلدان أخرى مثل أمريكا الشمالية نظرا لأوضاعها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

    و بخصوص مبدأ الفصل بين السلطات فهي منفصلة من الناحية التنظيمية إلا أن ممارساتها تتداخل فيما بينها و من هنا ظهرت الحاجة إلى إضفاء سمة حيوية للدستور الأمريكي و تتمثل في مبدأ الضوابط و الموازنات checks and balances.

     



     

    [1]. خدوجة خلوفي، القانون الدستوري و النظم السياسية، محاضرة ألقيت على طلبة السنة أولى ليسانس، جامعة البويرة، 2019/2020، ص 80 .

    [2].الأمين شريط، الوجيز في القانون الدستوري و المؤسسات السياسية المقارنة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1999، ص 191 .

    [3]. أ. الصادق بولعراوي، محاضرات في مادة القانون الدستوري: النظم السياسية، ملقاة على طلبة سنة أولى حقوق، جامعة محمد الصديق بن يحي، جيجل، ص 7

     

    [4]  . خدوجة خلوفي، المرجع السابق، ص 84 .

    .  خدوجة خلوفي، المرجع نفسه، ص 80.[5]

    . مولود ديدان، مباحث في القانون الدستوري و النظم السياسية، 2015، ص 230. [6]

    [7]. خدوجة خلوفي، المرجع السابق، ص 84

    [8]. سعيد بوالشعير، القانون الدستوري و النظم السياسية المعاصرة، ج 2، ط 4، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص 193

     

    .  خدوجة خلوفي، المرجع السابق، ص 85[9]

     

    [10]. المادة الأولى، الفقرتين الثانية والثالثة، دستور الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام 1789 شاملا تعديلاته لغاية عام 1992، ص 3.

     

    . عزيزة الغداني،المرجع نفسه، ص 11.[12]

    .عزيزة الغداني، المرجع نفسه، ص 76[13]

    [15]. أ. الصادق بولعراوي، المرجع السابق، ص 6 و 7

    .عزيزة الغداني، المرجع السابق، ص 11[16]

    عزيزة الغداني، المرجع السابق،ص 12. [17]

    . المادة الأولى، الفقرة الثالثة، دستور الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام 1789 شاملا تعديلاته لغاية عام 1992   [18]

    [19] . https : //www.bbc.com/arabic/world-55511606 , 10/30/2023, 22h00min.

    . أ.الصادق بولعراوي، المرجع السابق، ص 7[20]